الثلاثاء، 31 يناير 2012

ديوان وجه القمر


ألف وجه للقمر

فاروق جويدة












ألف وجه للقمر

فى كل عام ..

تشرقين على ضفاف العمر ..

تنبت فى ظلام الكون شمس

يحتوينى ألف وجه للقمر

فى كل عام ..

تشرقين على خريف القلب

يصدح فى عيونى صوت عصفور

ويسرى فى دمائى نبض أغنية

ويغزلنا شوقنا المجنون أوراق الشجر ..

فى كل عام ..

تشرقين فراشة بيضاء

فوق براعم الايام

تلهو فوق أجنحة الزهر

فى كل عام ..

أنت فى قلبى حنين صاخب

و دموع قلب ذاب شوقا .. وانكسر ..

فى كل عام ..

أنت يا قدرى طريق شائك

أمضى اليك على جناح الريح

يسكرنى عبيرك ..

ثم يتركنى وحيدا فى متاهات السفر ..

فى كل عام ..

أنت فى عمرى شتاء زوابع

وربيع وصل

وارتعاشات يدندنها .. وتر ..

فى كل عام ..

أنت ياقدرى مواسم فرحة

تهفو الطيور الى الجداول

تنتشى بالضوء أجفان النخيل

وترتوى بالشوق أطلال العمر ..


أغنيةللوطن

ماذا تبقى من ضياء الصبح

فى عين الوطن

والشمس تجمع ضوءها المكسور

والصبح الطريد

رفات قديس يفتش عن كفن

النيل بين خرائب الزمن اللقيط

يسير منكسرا على قدمين عاجزتين

ثم يطل فى سأم و يسأل عن سكن

يتسول الأحلام بين الناس

يسألهم و قد ضاقت به الأيام

من منا تغير ..

وجه هذى الأرض .. أم وجه الزمن

فى كل يوم يشطرون النهر

فالعينان هاربتان فى فزع

و أنف النيل يسقط كالشظايا

والفم المسجون أطلال

وصوت الريح يعصف بالبدن

قدمان خائرتان , بطن جائع

و يد مكبلة .. وسيف أخرس

باعوه يوما فى المزاد بلا ثمن

النيل يرفع راية العصيان

فى وجه الدمامة .. والتنطع .. والعفن

ماذا تبقى من ضياء الصبح

فى عين الوطن ..

الان فوق شواطىء النهر العريق

يموت ضوء الشمس

تصمت أغنيات الطير .. ينتحر الشجر

خنقوا ضياء الصبح فى عين الصغار

و مزقوا وجه القمر ..

باعوا ثياب النهر فى سوق الخناسة

أسكتوا صوت المطر ..

فى كل شبر وجه ثعبان بلون الموت

ينفث سمه بين الحفر ..

فى كل عين وجه جلاد يطل ويختفى

ويعود يزأر كالقدر ..

صلبوا على الطرقات

أمجاد السنين الخضر

باعوا كل أوسمة الزمان البكر

عمرا .. أو ترابا .. أو بشر ..

أترى رأيتم كيف يولد عندنا

طفل وفى فمه حجر

لم يبق شىء للطيور

على ضفاف النيل

غير الحزن يعصف بالجوانح

زمن العصافير الجميلة قد مضى

وتحكمت فى النهر أنياب جوارح

زمن القراصنة الكبار

يطل فى حزن العيون ..

و فى انطفاء الحلم ..

فى بؤس الملامح



وكانت بيننا ليله

وكانت بيننا ليله

نثرنا الحب فوق ربوعها
العذراءفانتفضت
وصار الكون بستانا
وفوق تلالها الخضراء
كم سكرت حنايانا
فلمنعرف لنا اسما
ولا وطنا .. وعنوانا
وكانت بيننا ليله
******
سبحت العمربين مياهها الزرقاء
ثم رجعت ظمآنا
وكنت اراك ياقدرى
ملاكا ضلموطنه
وعاش الحب انسانا
وكنت الراهب المسجون فى عينيك
عاش الحبمعصية
وذاق الشوق غفرانا
وكنت أموت فى عينيك
ثم أعود يبعثنى
لهيب العطربركانا
وكانت بيننا ليله
******
وكان الموج فى صمت يبعثرنا
على الافاقشطآنا
ووجه الليل
فوق الغيمة البيضاء يحملنا
فنبنى من تلال الضوءأكوانا
وكانت فرحة الايام
فى عينيك تنثرنى
على الطرقات ألحانا
وفوقضفافك الخضراء
نام الدهر نشوانا
وأقسم بعد طول الصد
أن يطوى صحائفناوينسانا
وكان العمر أغنية
ولحنا رائع النغمات أطربنا
وأشجانا
وكانتبيننا ليله
******
جلست أراقب اللحظات
فى صمت تودعنا
ويجرى دمعهاالمصلوب
فوق العين الوانا
وكانت رعشة القنديل
فى حزن تراقبنا
وتخفىالدمع أحيانا
وكان الليل كالقناص يرصدنا
ويسخر من حكايانا
وروعنا قطارالفجر
حين أطل خلف الأفق سكرانا
ترنح فى مضاجعنا
فأيقظنا .. وأرقنا .. ونادانا
وقدمنا سنين العمر قربانا
وفاض الدمع
فى أعماقنا خوفاوأحزانا
ولم تشفع أمام الدهر شكوانا
******
تعانقنا
وصوت الريح فى فزعيزلزلنا
ويلقى فى رماد الضوء
ياعمرى بقايانا
وسافرنا
وظلت بينناذكرى
نراها نجمة بيضاء
تخبو حين نذكرها
وتهرب حين تلقانا
تطوف العمر فىخجل
وتحكى كل ماكانا

وكانت .. بيننا ليله



أغنيةالرحيل

تعالى نودع طيفالأمانى
ونسدل يوما .. عليها الستار
يعز على رحيلالشموس
ويحزن قلبى لموت النهار
ولكنه الدهر يقسو علينا
ويخنقفينا الأمانى الصغار
تعالى نلملم أشلاء عمر
ونطوى حكايا .. الليالىالقصار
قضينا مع الحب عمرا جميلا
وفى اخر الدرب لاحالجدار
لماذا تعربد فينا الأمانى
ويخدعنا وجهها المستعار؟
لماذا نسافر خلف النجوم
ونحن نراها تضل المسار
هو الحب مهماحملناه طفلا
و مهما طغى فى دمانا و جار
سيغدو مع البعد كهلاحزينا
يخلف فينا الأسى والدمار
أراك ارتعاشة حلم لقيط
يطوفعلى الناس فى كل دار
فمن أين يأتى لعينيك ضوء
و كل الذى فى الحناياانكسار ؟
و من أين يأتى الزمان الجميل
وكل الذى فى يديناانتظار؟
فلا تعجبى من ثلوج الشتاء
تغطى قلوب كساها الغبار
ولاتحزنى ان أتانا الصقيع
ولا تسألى العمر كيف استدار
لقد كنت صبحا سرىفى الضلوع

فبعضك نور .. وبعضك نار




وحدي أنتظرك خلف الباب

يعانقنى شوق .. و حنين ..
والناس أمامى أسراب
ألوان ترحل فىعينى
ووجوه تخبو .. ثمتبين
والحلم الصامت فىقلبى
يبدو مهموما كالايام
يطارده يأس .. وأنين
حلمى يترنح فى الأعماق
بلا هدف .. واللحنحزين
أقدام الناس على رأسى
فوق الطرقات .. على وجهى
والضوءضنين ..
تبدو عيناك على الجدران
شعاعا يهرب منعينى
ويعود و يسكن فى قلبى..
مثلالسكين..
وأنتظر مجيئك .. فلاتأتين
* * *
عينى تتأرجح خلف الباب
فلم تسمع ما كنتأقول ..
أصوات الناس على رأسى
أقدامخيول ..
و رنين الضحكات السكرى
أصداءطبول ..
و سواد الليل على وجهى
صمت وذهول ..
و أقول لنفسى
لو جاءت ... !
فيطل اليأسويصفعنى
تنزف من قلبى أشياء
دمع .. و دماء .. و حنين
و بقايا حلم .. مقتول
* * *
ما كنت أظن بأن العهد
سراب يضحك فىقلبين
ما كنت أظن بأن الفرحة كالأيام
اذا خانت ..
ينطفىء الضوء علىالعينين ..
أنتظر مجيئكيشطرنى قلبىنصفين ..
نصف ينتظرك خلف الباب
و اخريدمى فىالجفنين ..
حاولت كثيرا أن أجرى ..
أنأهرب منك ..
فألقانى..
قلبا يتشظى فىجسدين ..
* * *
الصمت يحدقفي وجهي
لا شىء أمامي
غاب الناس..ومات الضوء
وفي قلبي جرحٌ..ونزيف
وأعود ألملم أشلائي فوق الطرقات
وأحملهاأطلال..خريف
والضوء كسير في العينين..
خيولالغربه تسحقني
والصمتُ..مخيف..
* * *
هدأت في الأفق بقآيآالضوء
وقد سكنت أقدام ..الناس..
وأنا في حزني خلفالباب..
يحاصرني خوفٌ..ونعاس..
من أينأنام..؟؟
وصوت الحزن على رأسي..
أجراسٌ تسحق ..أجراس..
وأنا ..والغربه..وعيناكِ..
وبقآيآ..كآس..
والليل وأوراقي الحيرى..
والصمت العاصفُ..والحراس..
وأقول لنفسي ..لو جاءت..!!
يرتعشالضوء..
وفي صمتي..تخبو..الأنفاس..
* * *
ما زلت أحدق فيوجهي..
والقلبحزين..
أجمع أشلائي خلفالباب..
يبعثرها..
جرحٌ..وحنين..
والحلمالصامت..في قلبي..
يبكي أحياناً..كالاطفال..
ويسأل..عنــ ـكِ

متى تأتيـن ..!!
متى تأتيـن..!!



ما زلت أسبح في عيونك

العمر في عينيَّ سردابٌ طويلْ

نفقُ مخيفٌذاك السردابُ
يصعدُ .. ثم يهبطُ ثم في سأمٍ يميلْ
يبدو قريباً حين يُغرينابريقُ الحلم
تجذبُنا بحارُ المستحيلْ
يبدو بعيداً حين يخدعنا سرابُالحلمِ
يَسكُننا الأسَى
ونعودُ بالجسدِ الكليلْ...
فالناسُ تمشي فوقأقدام تهاوتْ
والدروبُ تنوءُ بِالخَطْو الثَّقِيلْ
كَانَتْ رؤوسُ النَّاستيجاناً مُحطَّمةً
وأجساداً تُصارِعُ بَعْضَهَا
وحَناجِرا بالقهْرِ أدْمَنتِالعَويلْ
كَانتْ عُيونُ الناسِ أنْهاراً مُشَقَّقةً
وأغْصاناً يصيحُنزيفُها
وجداولاً بالحزنِ أرضعتْ النخيلْ
كانت وجوهُ الناسِ أشرعةًمكسَّرةً
تُواسي بَعضَها
وشواطِئاً تبكي على أطلالِ نيلْ..
***
العمرُفي عينيَّ سِرْدابٌ طويلْ
يمتدُّ من فجر البراءةِ
والصباحِ البِكْرِ .. والوجه الجميل
يجتاز ازمنة التنطُّعِ.
وانكسار الروحِ والأملَالعليلْ
عيناك في السردابِ صبحٌ جامحٌ
ما زالَ في ألمٍ يُكابرُ
سطوةالليلِ الطويل
مازالتُ أسبحُ في عيونكِ
رغمَ أنَّ الموجَ إعصارٌ
وَصَوْتُالريحِ وَحْشُ كاسِرٌ
وشراعُنا المكسورُ
يبحثُ عن دليلْ..
وأنا وأنتِ .. ولحظةٌ عذراء تخبو
خلفَ أجراسِ الرحيلْ
كُنَّا نُطلُّ وحَوْلنا
تترنَّحُالأيامُ في ضجَرٍ
وَضوءُ الشَّمسِ نبضٌ واهنٌ
وعلى امتدادِ الأفقِ ينتحبُالأصيلْ
هَلْ هَانت الأحلامُ
أم هانت سنينُ العمرِ
أم جَنحَتْ بِنَاالدُّنيا لحلْمٍ مُسْتحيلْ
بَيْني وبينك خُطوتان
وحين يبدو الحزنُ تُصبح ألفَميلْ
***
العمرُ في عَيْنَيَّ سردابُ طويل
أدمنتُ في عينيكِ فرحةطفلةٍ
تلهو بضوءِ الصبحِ في أيامِ عيدْ
إني أحبكِ رغم أنَّ الفجر يبدو
آخر السردابِ أبعدُ من بعيدْ
إني أحبكِ رغمَ أن الحزنَ
يبدواللقاء
كبقعةٍ سوداءَ في ثوبٍ جديدْ
إني أحبك رغم أن الشَّمس
يمكن أنتكونَ الضوءَ
يمكن أن تكونَ النارَ
يمكن أن تموتَ من الجليدْ
أني أحبُّكِرغمَ أن الحبَّ أحياناً
يَصيرُ الموتَ يسكنُ في الضُّلوع
وقد يُطلُّ كصرخةِالطفلِ الوليَدْ
إني أحبكِ رغم أنكِ جَّنتي
ونهايتي
وربيعُ عُمْري .. والخريفُ المرُّ
والاملُ الشَّريدْ
إني أحبكِ رغم أني عاشقٌ
باعَاللَّيالي البِكرَ في سُوقِ العبيدْ
إني أحبكِ
رغم أنك ليلةٌ مجنونةٌ
وأناالزمانُ الضائعُ المجهولُ
والألمُ العنيدْ
إني أحبكِ
رغم أني في عيونكقاتلٌ
وأمام نفسي.. ربما كُنْتُ الشهيدْ
*** 
العمرُ في عينيَّ سردابٌطويلْ
صوتُ النوارسِ يَنتشي في الصبح
حين يُطلُّ وجهُ الشَّمْسِ
حين يذوبُحزنُ العمرِ
حين يعودُ للخيلِ الصهيلْ
وأنا أحبكِ...
ليس يعنيني تَلاقىدربنا
أم ظلت الأيامُ تحملنا لحلمٍ مستحيلْ
حتى وإن كان الطريقُ إليك عمريكلَّه
سأظلُ أرحلُ في عيونكِ

لن أملَّ .. منالرحيلْ


وجهان في المرأة

وجهان يلتقيان في المرأة

ترحل ذكريات الأمس ..
تسقط من مأقينا الصور
يتقارب الوجهان بينالناس
يبتسمان .. يرتعشان .. يقتربان
يغلبنا الحذر ..
الوجه أعرفه أراه الان محفورا
على قلبى كأيام العمر ..
و الناس حولى ..
والزحام سحابةسوداء
والأجسام أكوام مبعثرة
نسميها .. بشر ..
و الأفق أشباح محنطة تطوف
كؤوس عمرفارغات
أغنيات شا حبات ..
أمنيات ضائعات
وارتعاشات على وجه الوتر ..
هذى الوجوه رأيتها .. وعرفتها
والكل فى صمت .. عبر ..
و أراك فى عينى
بريق فراشةبيضاء
تلقيها الرياح .. الى المطر ..
يتباعد الوجهان فىالمرأة
ينشطران كالأوراق
ينزعها الخريف من الشجر ..
الوجه يخبو فى ضجيج الناس
أسرع خلفه ..
فأرىعيون الناس
أطلالا من الذكرى لعمر ضائع
من باع منهم ..
من تخاذل .. من غدر ..
يخبو بريق الضوء فىالمرأة
يطفو ألف و جه فوق أشلاء النهر ..
تبدو الدمامة فىالوجوه

أتوه فى الأشباح ..






مثل النوارس ..

حين يأتي الليل يحملني الأسى ..

وأحن للشط البعيد ..
مثل النوارس ..
أعشق الشطآن أحياناََ ..
وأعشق دندنات الريح .. والموج العنيد ..
مثل النوارس ..
أجملاللحظات عندي ..
أن أنام على عيون الفجر ..
أن ألهو مع الأطفال في أيام عيد ..
مثل النوارس ..
لا أرى شيئاََ أمامي ..
غير هذا الأفق ..
لاأدري مداه .. ولا أريد ..
مثل النوارس ..
لا أحب العيش في سفح الجبال ..
ولا أحب العشق في صدر الظلام ..
ولا أحب الموت في صمت الجليد ..
مثل النوارس ..
أقطف اللحظات من فم الزمان ..
لتحتويني فرحةٌ عذراء ..
في يومٍ سعيد ..
مثل النوارس ..
تعتريني رعشةٌ ويدق قلبي ..
حينتأتي موجةٌ ..
بالشوق تسكرني .. واسكرها ..
وأسالها المزيد ..
مثلالنوارس ..
تهدأ الأشواق في قلبي قليلاََ ..
ثم يوقظها صراخ الضوء ..
والصبح الوليد ..
مثل النوارس ..
أشتهي قلباََ يعانقني ..
فأنسىعنده سامي ..
وأطوي محنة الزمن البليد ..
مثل النوارس ..
لا أحلّق فيالظلام ..
ولا أحب قوافل الترحال ..
في الليل الطريد ..
مثل النوارس ..
لا أخاف الموج ..
حين يثور في وجهي ويشطرني ..
ويبدو في سواد الليلكالقدر العتيد ..
مثل النوارس ..
لا أحب حدائق الأشجار خاويةََ ..
ويطربني بريق الضوء ..
والموج الشريد ..
مثل النوارس ..
لا أملمواكب السفر الطويل ..
وحين اغفو ساعةََ ..
أصحو .. وأبحر من جديد ..
كم عشت أسأل ..
ماالذي يبقى ..
اذا انطفأت عيون الصبح ..
واختنقت شموع القلب ..
وانكسرت ضلوع الموج ..
في حزن شديد ..
لا شيءيبقى ..
حين ينكسر الجناح ..
يذوب ضوء الشمس ..
تسكن رفرفات القلب ..
يغمرنا مع الصمت الجليد ..
لا شيء يبقى ..
غير صوت الريح ..
يحملبعض ريشي فوق أجنحة المساء ..
يعود يلقيها الى الشط البعيد ..
فأعود ألقىللرياح سفينتي ..
وأغوص في بحر الهموم ..
يشدني صمت وئيد ..
وأنا وراءالأفق ذكرى نورسٍ ..
غنّى .. وأطربه النشيد ..
كل النوارس ..
قبل أن تمضيتغنّي ساعةََ ..

والدهر يسمع مايريد.....



رســالـة .. الـى صـلاح الديـن

يا سيدي .. فلأعترف

ان الجواد الجامح
المجنون قد خسرالرهان
وبأن أوحال الزمان الوغد
فوق رؤوسنا ..
صارت ثياب الملكوالتيجان
وبأن أشباه الرجال تحكموا

وبأن هذا العصر للغلمان
يا سيدي .. فلأعترف

أن القصائد لا تساوي رقصة
أوهز خصرٍ في حمىالسلطان
أن الفراشات الجميلة
لن تقاوم خسّة الثعبان
أن الأسود تموتحزنا
عندما تتحكم الفئران
أن السماسرة الكبار توحشوا

باعوا الشعوب .. وأجهضوا الأوطان
ولأعترف يا سيدي ..

اني وفيت .. وان غيري خان
أني نزفت رحيق عمري
كييطل الصبح
لكن .. خانني الزمن الجبان
وبأنني قدمت فجر العمر قربانا
لأصنامتبيع الافك جهرا
في حمى السلطان
وبأنني بعت الشباب وفرحة الأيام

في زمنالنخاسة والهوان
ولأعترف يا سيدي ..

أني خسرت العمر في هذا الرهان

وغدوت أحمل وجه انسانبلا انسان
غنيتُ للقدس الحبيبة أعذب الألحان

وانساب فوق ربوعها شعري
يطوف علىالمآذن
والكنائس .. والجنان
القدس ترسم وجه طه
والملائك حوله
والكونيتلو سورة الرحمن
القدس في الأفق البعيد
تطل أحيانا وفي أحشائها
طيفالمسيح .. وحوله الرهبان
القدس تبدو في ثياب الحزن
قنديلا بلا ضوءٍ ..
بلانبض ٍ .. بلا ألوان
تبكي كثيرا
كلما حانت صلاة الفجر
وانطفأت عيونالصبح
وانطلق المؤذن .. بالأذآن
القدس تسأل :
كيف صار الابن سمسارا وباعالأم
في سوق الهوان بأرخص الأثمان
صوت المآذن .. والكنائس لم يزل
في القدسيرفع راية العصيان
الله أكبر منك يا زمن الهوان
الله أكبر منك يا زمنالهوان
الله أكبر منك يا زمن الهوان
كانت لنا يوما هنا .. أوطان
وطنٌ بلونالصبح كان
وطن بلون الفرح
حين يجيء منتصرا على الأحزان
وطنٌ أضاء الكونعمرا
بالسماحة .. والهداية .. والأمان
وطنٌ على أرجائه الخضراء هلّالوحي
في التوارة .. والانجيل .. والقرآن
في كل شبرٍ من ثراه
تمهل التاريخ .. وانتفض الزمان
وطنٌ بلون الصبح كان
يمتد من صوت المؤذن
في ربوع الشام .. للسودان
ينساب فوق ضفاف دجلة ينتشي فيها
ويرقص في ربا لبنان
ويطل فوقخمائل الزيتون
في بغداد .. في حلب .. وفي عمّان
عيناه دجلة والفرات
جناحهيمتد في اليمن السعيد
الى ضفاف المغرب العربي
من أقصى الخليج .. الى ذرااسوان
في مصر تاج العرش بين ربوعها
ولد الزمان .. وكبر الهرمان
القلب فيسيناء ينبض
يحمل النيل المتوج بالجلال
فتسجد الشطآن
وطنٌ تطوف عليه مكةكعبة الدنيا
وبيت الحق .. والايمان
وطنٌ عنيدٌ أيقظ الدنيا
وعلّمها طريقالمجد
علمها فنون الحرب
علمها البيان
وطنٌ جميل كان يوما كعبةالأوطان
ماذا تبقى منه
الآن .. تأكله الكلاب وترتوي
بالدم فوق ربوعهالديدان
الآن ترحل عنه أفواج الحمام
وتنعق الغربان
الآن ترتع فيه اسرابالجراد
وتعبث الفئران
الآن يأتي الماء مسموما
ويأتي الخبز مسموما
ويأتيالحلم مسموما
ويأتي الفجر مصلوبا على الجدران
وطنٌ بلون الفرح يبدو الآنمحمولا
على نعش من الأحزان
جسد هزيلٌ في صقيع الموت
مصلوب بلااكفان
وطنٌ جميل كان يوما كعبة الأوطان
الآن ترتحل الرجولة عن ثراه
ويسقطالفرسان
في ساحة الدجل الرخيص
يغيب وجه الحق
تسقط امنيات العمر
يزحفموكب الطغيان
في ساحة القهر الطويل
يضيع صوت العدل
تخبو أغنياتالفجر
تعلو صيحة البهتان
وطنٌ بلون الصبح كان
وطنٌ كبير أنت فيعيني
هزيلٌ في ظلام السجن والسجان
وطنٌ جسورٌ أنت في عيني
ذليل في ثيابالعجز والنسيان
وطنٌ عريق أنت في عيني
أراك الآن اطلالا
بلا اسم .. بلااسم .. بلا عنوان
وطنٌ بلون الصبح كان
في أي عينٍ
سوف احمي وجهابني
بعدما صلبوا صلاح الدين
يا وطني على الجدران
في أي صدر
سوف يسكنقلب ابني
بعدما عزلوا صلاح الدين
من عين الصغار .. وتوجوا ( ديان)
ياللمهانة عندما تغدو سيوف المجد
اوسمة بلا فرسان
يا للمهانة عندما يغدو صلاحالدين
خلف القدس مطرودا
بلا اهل .. بلا سكنٍ ..
بلا وطنٍ .. بلاسلطان
في كل شيءٍ أنت يا وطني مهان
من علّم الأسد الأبي
بأن ينكس رأسهويهادن الجردان
من علّم الفرس المكابر
أن يهرول ساجدا
في موكبالحملان
من علّم القلب التقي
بأن يبيع صلاته ويعود للأوثان
من علّم الوطنالعريق
بأن يبيع جنوده
ويقابض الفرسان .. بالغلمان
كم علّم الوطن العزيزبأن يبيع ترابه
للراغبين بأبخس الأثمان
من علّم السيف الجسور
بأن يعانقخصمه
ويعلّق الشهداء في الميدان
يا أيها الوطن المهان
اني بريء منك
ياايها الزمن الجبان
اني بريء منك
اني بريء منك

اني بريء منك …..





جاء السحاب بلا مطر

مازال يركض بين أعماقى

جواد جامح..

سجنوه يوما فى دروب المستحيل

ما بين أحلام الليالى

كان يجرى كل يوم ألف ميل

وتكسرت أقدامه الخضراء

وانشطرت خيوط الصبح فى عينيه واختنق الصهيل

من يومها ...

وقوافل الأحزان ترتع فى ربوعى

والدماء الخضر فى صمت تسيل

من يومها....

والضوء يرحل عن عيونى

والنخيل الشامخ المقهور

فى فزع يئن .. ولا يميل

ما زالت الأشباح

تسكر من دماء النيل

فلتخبرينى كيف يأتى الصبح

والزمن الجميل

فأنا وأنت سحابتان تحلقان

على ثرى وطن بخيل

من أين يأتى الحلم

والأشباح ترتع حولنا

وتغوص فى دمنا

سهام البطش .. والقهر الطويل

من أين يأتى الصبح

والليل الكئيب على نزيف عيوننا

يهوى التسكع .. والرحيل

من أين يأتى الفجر

والجلاد فى غرف الصغار

يعلم الأطفال

من سيكون منهم قاتل

ومن القتيل

لا تسألينى الآن عن زمن جميل

أنا لا أحب الحزن

لكن كل أحزانى جراح

أرهقت قلبى العليل

ما بين حلم خاننى

ضاعت أغانى الحب

وانطفأت شموس العمر

وانتحر الأصيل

لكنه قدرى

بأن أحيا على الأطلال

أرسم فى سواد الليل

قنديلا وفجرا شاحبا

يتوكآن على بقايا العمر

والجسد الهزيل

إنى أحبك

كلما تاهت خيوط الضوء عن عينى

أرى فيك الدليل

إنى أحبك

لا تكونى ليلة عذراء

نامت فى ضلوعى

ثم شردها الرحيل

إنى أحبك

لا تكونى مثل كل الناس

عهدا زائفا

أو نجمة ضلت وتبحث عن سبيل

داويت أحزان القلوب

غرست فى وجه الصحارى

ألف بستان ظليل

والآن جئتك خائفا

نفس الوجوه

تعود مثل السوس

تنخر فى عظام النيل

نفس الوجوه

تطل من خلف النوافذ

تنعق الغربان .. يرتفع العويل

نفس الوجوه

على الموائد تأكل الجسد النحيل

نفس الوجوه

تطل فوق الشاشة السوداء

تنشر سمها

ودماؤنا فى نشوة الأفراح

من فمها تسيل

نفس الوجوه

الآن تقتحم العيون

كأنها الكابوس فى حلم ثقيل

نفس الوجوه

تعون كالجرزان تجرى خلفنا

وأمامنا الجلاد .. والليل الطويل

لا تسألينى الآن عن زمن جميل

أنا لا ألوم الصبح

إن ولى وودع أرضنا

فالصبح لا يرضى هوان العيش

فى وطن ذليل

أنا لا ألوم النار إن هدأت

وصارت نخوة عرجاء

فى جسد عليل

أنا لا ألوم النهر

إن جفت شواطئة

وأجدب زرعه

وتكسرت كالضوء في عينيه

أعناق النخيل

مادامت الأشباح تسكر

من دماء النيل

فلا تسألينى الآن

عن زمن جميل